كان شيخنا الإمام رضي الله عنه يحفظ من الأحاديث النبوية ما يزيد على مئة ألف حديث ، فضلاً عن اطلاعه الواسع على كتب الحديث كلها .
وحصل مرة أن تلاحى رجلان من أهل العلم من أحباب شيخنا الإمام رضي الله عنه ، وممن كان يحضر دروسه ، وهما من أهل مدينة حماة ، حتى قال أحدهما للآخر : امرأتي طالق إن لم يكن شيخنا الإمام رضي الله عنه يحفظ أكثر من مئة ألف حديث ، ثم انطلقا إلى المدرسة الشعبانية ، لسؤال شيخنا الإمام واستفتائه عما جرى بينهما ، فأطرق شيخنا الإمام رضي الله عنه ثم قال للرجل الذي صدر منه لفظ الطلاق :[ امرأتك لا تطلق ، وأعظك أن تجنب لسانك ألفاظ الطلاق والحرام ].
ولقد حفظ شيخنا الإمام رضي الله عنه أيام طلبه العلم في المدرسة الخسروية كتاب ( تيسير الوصول إلى جامع الأصول لأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم ) بمجلداته الأربع ، إلى أن حصل على كتاب ( جامع الأصول ) وهو كتاب يقع في أحد عشر مجلداً ، جمع فيه صاحبه الموطأ ، والصحيحين ، وسنن أبي داود والترمذي والنسائي ، ثم شرع في الإطلاع على كتب الحديث الأخرى كالسنن والمسانيد والمعاجم ، وحفظ منها جملة واسعة ، وفهرس طائفة واسعة لأحاديث مسند الإمام أحمد رضي الله عنه .
وكان يعتمد في تفسير آيات الله تعالى على أحاديث سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقول : [ إن أحاديثه صلى الله عليه وسلم كلها بيانات لمعاني القرآن الكريم ومقاصده ، لأن الله تعالى يقول : { وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ }
ويسوق لذلك أدلة كثيرة قد ذكرها في بعض مؤلفاته ومحاضراته .
وإني أذكر في هذه المناسبة كلمات يسيرة مما امتدحه بها كبار العلماء والمحدثين :
لما حج سنة /1385/ هـ خرج لاستقباله إلى مطار جدة العلامة المحدث الشيخ علوي المالكي وقال :[ هذا رجل يمشى إليه ولو على رموش العين ]
ولما أرسل كتاب [ سيدنا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم شمائله الحميدة وخصاله المجيدة ] إلى السيد الشيخ محمد أبي عبد العزيز ابن عبد الدائم الفلالي الموريتاني الشنقيطي صاحب كتاب ( النور المحمدي صلى الله عليه وسلم ) وكان ممن جاور في المدينة المنورة على ساكنها أفضل الصلاة والسلام ، ثم اجتمع به لما ذهب إلى العمرة والزيارة – قال له الشيخ محمد أبي عبد العزيز :
[ لقد عرفتك من كتابك ] يعني : لقد عرفت مقامك ومحبتك لسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم من خلال قراءتي لكتابك الذي أرسلته هدية لي .
وقال الشيخ الكبير ، المحب الزاهد الورع ، السيد محمد أمين الكتبي لما لقي شيخنا في المسجد الحرام وسأله شيخنا الإمام أن يوصيه قال له :[ أوصيك بما أنت عليه ].
وقال السيد الشيخ عبد القادر السقاف :[ يجب على كل عين أن تراه ] يعني : أن ترى شيخنا الإمام رضي الله عنه .
وقال العارف الكبير الشيخ أحمد الحارون الدمشقي لشيخنا الإمام رضي الله عنه :[ أنت محفوف بأنظار سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ]
وقال له مرة أخرى : [ شمسك إذا طلعت غطت على الكل ]
وكان المحب الزاهد ، ذو الكرامات الشهيرة ، الشيخ حسين العبد السلام ، المعروف ( بالمجدمي ) [1326 هـ - 1404هـ ] إذا قدم لزيارة شيخنا الإمام رضي الله عنه ، ينشد مع أصحابه إذا خرج شيخنا لاستقباله عند باب الدار :
أتيناكم أتيناكم وللأعتاب جئناكم
وفي أمر قصدناكم فشدوا عزمنا بالله
ويكرر ذلك حتى يجلس .
وكان همه أن يسأل كل من وفد إليه عن صحة شيخنا الإمام رضي الله عنه ، ويحمله السلام ، ويسميه : ( سراج حلب ) .
ومما قيل في مناقب الشيخ وآثاره